آلام أسفل الظهر

تتمدَّين على بطنك خائفةً من أن يأكلك ألم ظهرك, لا تستطيعين مواجهة سقف السماء والنوم على الجهة الأخرى المعاكسة.
تتمدَّين هناك.. تعلمين أنك مجرد ثقبٌ أسود مستريح فوق سرير دافئ, إذا فُتح باب غرفتك فجأة فأنت تعلمين يقينًا أن أحدًا لن يرى شيئًا إلا شعر رأس أسود مجعّد يحدّق في العدم ويأكله الندم.
أعني لن يرى أي أحدٍ سوى ذلك
الفراغ..
الشاسع..
الذي خلَّفه جسد فتاة يانعة. أنتِ ثقبٌ مريع يتجذَّر إلى أسفل ويختفي من فوق الملاءات المخططة. ربمَّا تكونين ظلًا خجولًا وخائفًا وينتفض كفزَّاعة في رياح خريف سبتمبر المتأخر دومًا كعادته, لكنك لا تعرفين على وجه الخصوص من أنتِ تحديدًا وهذا عذاب إضافي فوق آلام أسفل ظهرك!
تعلمين أنك تمتلكين الآن أفكارًا مميتة لا يوقظها ولا يغذِّيها في نفسك إلا الجزع من آلام أسفل الظهر, تعيِن عاديَّتك وتجزعين من أن تبقيِ دومًا في حالة طويلة من العاديَّة بحيث لا يلاحظك أحدٌ بالخارج. يبقيك الألم متعرِّقة وجلدك يصبح دبقًا.. أنت في حالة مشلولة وعاجزة كطفلٍ رضيع, أعلم أنك لطالما كرهتي الأطفال من اجل هذا السبب الوحيد (عجزهم) والآن انت تتحولين بضخامتك هذه إلى طفلة بأطرافٍ طويلة كعنكبوت.
تفكرين: بالخوف الوحشي البربري الذي يجعل عضلات بطنك متقلِّصةً معظم الوقت غير قادرةٍ على الأكل, خائفةٌ من أن تحيدي عن
الشخص النشيط الذي كنته رغمًا عنك والذي بالطبع لا تستطيعين الهروب من صورته التي وضعتي نفسك فيها. أعلم أن الأمر إن كان يعود إليك في أصله لفضَّلت البقاء مختبئة في خزانة ملابسك تعضّين اصابعك لأن كل شيء في الخارج هناك يجرحك وبعمق. تفكرين: كم يبدو الأمر مملًا وتافهًا ويثير الحنق هذا الألم المتكرر الذي يُخضع جسدك للتمدد إلى أسفل, يذكرك بشكل صعب بمكانتك السحيقة. والآن تعلمين أنك لا تجيدين أي شيءٍ على الإطلاق, لا التفكير أو الكتابة أو الحب أو المحافظة على ظهر سليم لفتاة في العشرين.
كم يبدو الأسفل مملًا, كلِّك هناك.. مشاعرك وأفكارك و روحك يهبطون إلى أسفل, آلام ظهرك تزداد حدَّة لأنك تتمددين على بطنك بوضعية خاطئة, تضعين وسادة أخرى أسفل بطنك تحاولين موازنة عامود فقري وحيد وتتجاهلين حياتك التي تغوص في العاطفة الغير مستقيمة أو المتَّزنة. في الأسفل لا ترين شيء سوى بقايا ماسكارا رموشك التي وشمت نفسها فوق وسادتك بسبب نحيب الليلة الماضية.
ترفعين شفتيك وببطء كما لو أن أحدًا ما في الخارج يسحبها بواسطة خيط غير مرئي لأعلى وتبتسمين بعجز: أفكاري ليست معتوهة.. إنه مجرد ألم أسفل الظهر!






Painting by: Stephen Wright, "Back" oil on canvas  

تعليقات

المشاركات الشائعة