في البدء كانت الأشكال غير المعقدّة

في قطار طويل اسمه الحياة.. أجلس برجلين مشدودة حول بعضها بإحكام, أضرب رأسي, أنزف, أخبط  نفسي وأعوي في جحيمٍ لا ينتهي.

في البدء كانت الأمور البسيطة كالتفاحة, الأشكال الغير معقدة كالدائرة والمثلث والمربع.

بسيطة كتفاحة متعفنة أدركت متأخرًا أنها متعفنة. غير معقدة كالدائرة التي زحفتُ هاربةً من الرحم إليها وكأنها خلاصي الأخير وكالمثلث الذي تطابقت حياتي في زواياه.. مهما أخذت على عاتقي مهمة تغيير الأقدار كنت أصل لنفس النتيجة وكالمربع التي ما فتأت اطرافه الحادة تطعنني.

لذلك عندما يبقى القليل من السُلطة والكثير من الحرية سأدمّر أشكالي, وعندما يخرج الفتى الوسيم من مهده ملقيًا نفسه على صدري سأنسى عندها التفاحة التي تطحلبت داخل أحشائي. وعندما يحصل هذا كله سأكتب ببلادة عن الحب المريض, وعن الأصابع الدافئة, أقسم لك أنني سأكتب كيف كان الحب يؤلم بعمق أكثر من ضرس متسوّس وكيف يقطع الرقبة أسرع من سيّاف معتوه وكيف.. كيف يُحيِ ظمآن كان بحاجة للماء.. كالماء الذي لا يحتاج معضلة رياضية ليتم تعريفه.  

مجمّدة.. محطمة.. رهينة تحت سُلطة لا أستطيع تغييرها.

في البدء كانت الأرقام الصغيرة التي أصابعي تستطيع اللحاق بها كالواحد والاثنان.

الأصابع التي تفقأ عيني (هل حقًا فعلت ذلك؟)

واحد. امتلكت قلبًا واحدًا لم يصدق هيأته لذلك أخذ يتكسّر ويتكسّر باستمرار, لا يزال يكذّب نفسه (هو ليس قلبًا) لذلك ما زلت أنكسر كل يوم كبسكويت زبدة في يدي طفلة. واحد, كصورتي داخل الغرفة. واحد, يأكل الكعك أمام الجدار في المتجر المجاور.

اثنان. كان الأم والأب اللذان لم يكتفيان بعد من السلطة المطلقة والحب المطلق. اثنان كانا, لا يعرفان كيف يتم تقبيل الأفخاذ الباردة. اثنان كانت اليدان والأقدام, وكانت تختبئ باستمرار وكانت جافّة باستمرار.

أجلس, جلس, تجلسين بهدوء وببلادة مطلقة, بعدما عصفت الدنيا عالمك, وأقحم المغتصب أصابعه النديّة داخل ثنايا أيامك, تعي أخيرًا أن لا شيء من هذا يهم بينما أنت وحيدة.. وحيدة وحدة كاوية ومسيّلة للدموع. لا يوجد الآن أو لاحقًا, كل ما يوجد هو البداية المنسيّة.

لذلك, في البدء كانت الورقة البيضاء وكنت القلم الرخيص.

في البدء كان العدم وكنت أنا.

في البدء كان الظلام وكنت النور.

في البدء كانت الحياة وكنت ميتة.

في البدء لم يكن هناك شيء, 

ولم أوجد 

أنا 

أيضًا ككل الأشياء.

Paint by: George Rorris, 1963