مذّكرات ثلاثة أيام من العته الذاتي.

 
صور خلال كتابة بعض اليوميات

الثلاثين من نوفمبر: 
السادسة والنصف صباحًا, أستمع لأغنية صاخبة جدًا في هذا الوقت الهادئ من اليوم على غير العادة. أكلت اليوم قطعة من كعك البرتقال الذي أحبّ على عجل. أحارب منذ أن أفتح عيناي بين معارك الحياة السخيفة التي تستنزف طاقتي.
وحيدةً أنظر إلى الطريق, وحيدةً أفكر بالوحدة الروحية التي ستقتلني يومًا ما على حين غرّة.
شرّاب طويل برسومات من الدببة الصغيرة, ضفيرة مهملة وشعر لم يسرّح منذ البارحة. لم اكن يومًا أكثر أو أقل جمالًا, و أريد أن أغطي الروح لهذا السبب الأوحد والوحيد.
جلدي مجروح بالجهة اليسار من عنقي من شدّة الفرك. أردت قبل أن أخرج من المنزل أن أفرك روحي بالصابون, أن أفرك حلقي حتى تختفي كل الشتائم التي لم تعلمني ماما إيّاها يومًا. لكنّ عنقي الآن مجروح والكلمات ماتزال عالقة والروح ماتزال متسخة والجرح يؤلمه حتى مرور طرحتي الناعمة عليه. يحرقني.
الشعور بالعدمية يتزايد, الحرارة تستمر في الإنخفاض.
إنه فقط اليوم الخامس عشر من ترتيب الهرمونات في جسدي, لا بأس.
الواحد من ديسمبر: 
استيقظت اليوم بشعورٍ يشبه أطنانًا من الفراغ الأبدي يغطّي جسدي كلّه. استيقظت من حلم مفزع وأنا أشعر أن أسنانًا تعضّ فخذي الأيمن. لحظة, هل قرأت في مكانٍ ما أن في ديسمبر تنتهي الاحلام؟ إن كنت قد قرأته ولم تخنّي الذاكرة فَياله من عنوان حقيقي جدًا. أقترح أن يكون مطلع قصيدة باردة.
الساعة تشير الآن للسابعة وأربعة دقائق صباحُا. أشرب كأسًا من عصير البرتقال المعصور الحار وآكل بعضًا مما تبقّى من معكرونة عشاء الليلة الماضية. المعكرونة التي ما بدأت ان آكلها حتى هوَت من معدتي إلى الطاولة التي أمامي. وحدة. اعيش في وحدتي القاتلة ولا أسمع سوى دقّات ساعة حائط المطبخ, أنظر إلى شرّابي الطويل الذي لم أخلعه منذ الامس, شرّاب برسومات من الدببة الصغيرة. أمشي ببطء نحو غرفتي, أم أن قلبي يسيّرني ببطء؟
هناك على عتبة باب الغرفة رسمة لم تكتمل, بحث طويل من ستة صفحات لم يكتمل, كتاب لهنري ميللر على طاولتي ينتظر. هناك على عتبة باب الغرفة انا أنتظر وصول المونو دقيقة التي ستجعلني أهرع لإنهاء كل ماراكمته لأسبوعين متواصلة. وحدة. أعيش في وحدتي القاتلة وأسمع صوت عقارب ساعتي الصغيرة فوق طاولتي.
إنه اليوم السادس عشر. سينتهي الأمر قريبًا.
الثاني من ديسمبر - الجزء الاول- :
الشعور بالجوع معدوم تمامًا, مرّت أكثر من إثنا عشرة ساعة دون أن آكل شيئًا. جوع جسدي و جوع فكري و جوع معنوي. لم أقرأ أو أشاهد شيئًا طيلة اليومين الماضية. لا أشعر بالرغبة في القراءة. وجهي ضائع بين كل الامور التي يتوجب علي فعلها ولكنني لم أفعل.لقد سئمت من كوني أتصرف كالكبار, لقد سئمت من حمل الامور على كاهليّ الصغيران, لقد تبدّت على جلدته الرقيقة اللامعة آثار الحمل الثقيل. خطوط حمراء متقشّعة. ضجر. ضجر, الحياة كلها ضجر. الورقة أمامي والكلمات تخرج من فم القلم بصعوبة. كل شيء لا يبدو سهلًا. هذه الرئة التي لا تستطيع أن تأخذ نفسًا فوق حاجتها وهذه اليد التي لا تستطيع أن تصل إلى صدرك فتلمسه وهذه أنا التي لا تستطيع أن تكون غيرها.
الثاني من ديسمبر - الجزء الثاني- :
الساعة تشير إلى السابعة وستة وخمسون دقيقة.
المكان: سطح المنزل.
الزمان: أي وقت أرغب به.
العينّان محمّرة من شدة البكاء. تمرّ الطائرات كثيرةً فوق رأسي إنها تذكرني بأنني لم أبرح مكاني منذ أن ولدت هنا. أصبح السفر والتحليق عبر النجوم ضربًا من ضروب المستحيل في قاموسي الشخصي. سحبتُ من مكتبتي رواية باللغة الإنجليزية وأشعر منذ البدء بأنني لا أرغب بقرائتها.
هلّا لمست بأصابعك جفوني المحترقة من شدّة البكاء, أريد أن أسهر تحت رحمة لمستها الباردة. الجو حارٌ جدًا لايبدو الامر أننا في فصل الشتاء, الأمر الذي يزيد كآبتي. أرغب أن أخلع هذا الجلد وهذه النفس وأطير إلى الأعلى, إلى هذا القمر الذي أشاهده يضحك لحقيقة كوني هنا في الأسفل بين كل هذا الخراب, يضحك لشدة قذارتي. والآن أتسائل لماذا لا يهوي بحجمه الكبير فوقي ويسحقني إلى مادة ترابية أعجز على إعادة تشكيلها؟
إنه اليوم السابع عشر. أشعر بتحسن, سأذهب للإستحمام. لقد أنتهت الهرمونات مني.
غدًا الثالث من ديسمبر سيكون صباح الخير حقًا, فهل لن تنسى أن تقول لي غدًا صباح الخير؟

تعليقات

  1. شركة مكافحة فئران بمكة
    للحصول على مكافحة فئران بمكة بأفضل صورة عليك الاتصال بنا و نحن سوف نساعدك حيث اننا افضل شركة مكافحة فئران بمكة و لا منافس لنا فى تقديم هذه الخدمة فعليك عدم التردد بالاتصال بنا و سوف تجدنا فى خدمتك دائما ومعنا سوف تستطيع الحصول على مكافحة قوارض بمكة بأقل الاسعار ايضا
    مكافحة فئران بمكة
    http://www.elbshayr.com/3/Pest-control

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة