لا أحد يرغب بالفتاة التي تحوّلت إلى زهرة محنّطة.
لكن عوضًا عن ذلك كانت أيامي تمر لزجة, فضفاضة. تنهش لزوجة هذه الأيام من روحي بحنيّة و ببطئ, هذه الأيام الصيفية الحارة التي أمتدّت إلى مالانهاية مرّت بلزوجة مثلث بيتزا مرفوع عن الدائرة بجبنة موزاريلا لم تزَل ملتصقة وتمتط.. تمتط.
نجود, هذا الإسم الذي كان و مازال يزيد من لزوجة عذاباتي عندما ينطق شخص ما به ن-ج-و-د .
كل حرف منه كان يساوي مئة ألف سنة ضوئية من اللزوجة الكونية. كم كرهت هذا الإسم الذي لا يمت بِصلة بأي شكلٍ من الأشكال لهذه الروح, لهذا الجسد, لهذا الوجه.
أنا لم أنتمي يومًا إلي و كلما نظرت إلى وجهي في المرآة أتسائل من هذه الفتاة التي تقف أمامي؟ هل هي فعلًا ن-ج-و-د ؟
أمتط إلى أمد غير معلوم, حبات العرق تتفصد جبيني و ربما تنزل بتسارع مطرد على ظهري عندما أحنيه, من شدّة محاولة خروج روحي من وحل اللزوجة. أستطيع الشعور بهذه الروح تتقوقع و تنكمش على نفسها كل مرةٍ يغدقها أحد ما بالكلام العذب. الكلام العذب الذي من المفترض أن يرفع بأنوثتي عاليًا بشكل مفاجئ وساحق.. على العكس كنت أشعر بدفء هذه الكلمات تلمس جسدي الضئيل بالكاد ثم تسقطني أرضًا بشدة, فأعي حقيقة واحدة وهي:
لا أحد يرغب بالفتاة التي تحولت إلى زهرة محنّطة.
لذلك عندما أكون على وشك أن أتحول إلى مراهقة متمردة تقف على طاولات المقاهي الرخيصة بتنورة قصيرة تكشف عن فخذيها النحيلين و تصرخ : أنا شابة و واقعة في الحب.
في هذه اللحظة تمامًا : كانت الروح تنكمش.
أغلق الهاتف, الكتب. أهجر الدفاتر و الأقلام و أتوسّد تحت الملاءات و أردد :
لا أحد يرغب بالفتاة التي تحولت إلى زهرة محنّطة.
فلماذا تجعلين من الامر شيئًا يذكر يا ن-ج-و-د ؟ لماذا ؟
.. فيزيد العذاب و تزيد لزوجته.
هذه الفكرة التي تتدلى كحبل مشنقة أمامي, لم يرغب أحد بي, انا بنفسي لم أرغب فيني في معظم أيامي. كنت أستطيع أن أهمس لنفسي بهذه الكلمات ليلًا عندما لا يراني أحد. لا أحد يرغب برؤية هذه الروح عن مقربة, أو هذا الوجه تحت شعاع الشمس.
لربما أسأت فهم كل الكلمات العذبة في العالم, لربما أسأت طريقة العيش. كنت أرغب أن أعيش الحياة بطولها وعرضها و أنا أغدق الزهرة المحنطة بالحب الذي لم تتلقاه, كنت أطمئن نفسي و أفزعها دومًا بأنني سأبقى وحدي.
لأن الزهرة المحنّطة.. لا يقترب منها أحدٌ أبدًا.
تعليقات
إرسال تعليق